كثيرًا ما كان يثير فضولي سماع كلمة "فلسفة". كانت تبدو الفلسفة صعبة بالنسبة لي لفترة طويلة، ولم أقترب منها أبدًا. لا زلت أتذكر ذلك اليوم الذي قررت فيه أن أبدأ بقراءة الفلسفة.
هل الفلسفة حقًا صعبة |
قررت الدخول إلى هذا العالم الذي كان غريبًا وغامضًا بالنسبة لي، ولم يسبق لي أن قرأت أي كتاب فيه. سأسرد في هذا المقال تجربتي مع هذا العالم الجديد.
بدايتي مع الفلسفة
كثيرًا ما كان يثير فضولي سماع كلمة فلسفة. حيث ظلت لفترة طويلة تبدو الفلسفة صعبة بالنسبة لي، ولم أكن أقترب منها. ولا زلت أتذكر ذلك اليوم الذي قررت فيه أن أبدأ بقراءة الفلسفة.قررت الدخول إلى هذا العالم، الذي كان غريبًا بالنسبة لي وغامضًا، ولم يسبق أن قرأت كتابًا فيه. سأستعرض في هذا المقال تجربتي في هذا العالم، عالم قراءة الفلسفة، لنرى هل الفلسفة صعبة حقًا.
وفي المساء، ذهبت إلى إحدى المكتبات، والتي كانت تقريبًا هي الوحيدة في مدينتي، ثم أُغلقت فيما بعد بسبب عدم إقبال الناس عليها. وعندما دخلت إلى أروقة المكتبة، التي تُعد وجهة هامة لكل عاشق للمعرفة، بدأت أشعر بحماس داخلي متزايد.
كانت الرفوف مزدانة بعشرات الكتب المتنوعة، لكن هدفي اليوم كان محددًا: البحث عن كتاب فلسفي يشبع الهاجس المتولد داخلي. سألت صاحب المكتبة: "هل توجد كتب فلسفة؟"، فأشار إلى أحد رفوف المكتبة التي كانت مليئة بالكتب.
في مسيرتي عبر المكتبة، تجاوزت أقسام الأدب والتاريخ والفنون، حتى وصلت إلى ركن الفلسفة. كانت الرفوف تضم عشرات الكتب، سواء كانت نصوصًا أو دراسات تغطي تيارات فلسفية متعددة، من التفكير اليوناني القديم إلى الفلسفة الحديثة والنقد الاجتماعي المعاصر، والتي لم أكن حينها أعرف عنها شيئًا.
وقفت مترددًا أمام الرفوف، أبحث بعيني عن الكتاب المناسب الذي يلبي رغبتي في التعمق في الأفكار الفلسفية العميقة. استغرقت في تصفح عدة أعمال، محاولًا العثور على ما يتوافق مع ما كنت أبحث عنه.
أخذت أستعرض الألقاب والمؤلفين، لكن الأمر لم يكن بهذه السهولة، فأنا أجهل ما كان بين يدي من العناوين. وأخيرًا، لم يشدني أي من العناوين لأني لم أعرف عن مضامينها شيئًا. وقبل الخروج، وقعت عيني على كتاب جذبني كثيرًا، تصميم غلافه الخارجي الجذاب.
فتناولت الكتاب بيدي، وكان عنوانه "العالم إرادة وفكرة"، كتاب لشوبنهاور. (ويا لسوء حظي)، اشتريت الكتاب بعد أن جذبني تصميمه لا محتواه، الذي لم أكن أعرف عنه شيئًا ولا عن مؤلفه.
بينما كنت أحمل الكتاب في يدي، شعرت بارتياح داخلي وأنا أغادر المكتبة، وكأنني بدأت رحلة جديدة في عالم من الأفكار والتفكير الذي طالما أردت استكشافه.
بعد عودتي إلى المنزل، جلست في زاوية هادئة، وبدأت بتصفحه. كانت هناك ملاحظة لشوبنهاور على غلافه، وهي "أعتزم أن أبين هنا كيف تتوجب قراءة هذا الكتاب ليفهم بعمق. فما يمكن إيصاله من خلاله هو فكرة واحدة، مع ذلك، ورغم كل جهودي، لم أتمكن من العثور على طريقة أقصر لإيصال تلك الفكرة سوى كامل هذا الكتاب!"
كانت هذه التجربة جديدة بالنسبة لي، فأنا تعودت على قراءة الكتب في غير مجال الفلسفة على طول أيام وليالي متفرقة. على كل حال، بدأت في القراءة، وهنا كانت الصدمة.
قرأت كتابًا باللغة العربية، ولكني وصلت إلى نصفه ولم أفهم منه شيئًا، فشعرت بالإحباط. سألت نفسي: "هل الفلسفة صعبة لهذا الحد؟" (ويا لسوء حظي، لأنني كنت أقرأ من أصعب الكتب في الفلسفة ولا أدري حينها).
في نفس الوقت، شعرت كأن الفلاسفة ومن يقرأ لهم هم بشر من كوكب آخر، يتميزون بذكاء أعلى من بقية الناس، وأن هذا المجال مختص بهم وحدهم، وهم وحدهم من يفهموه. هنا كانت البداية، وكادت أن تكون النهاية لهذا الشغف الذي اصطدم بالواقع.
ثم أغلقت الكتاب، ولا زال حينها غلافه يجذبني جدًا، ولكن ما الفائدة! رميت الكتاب جانبًا وامتلأت بقناعة أن الفلسفة صعبة فعلًا. أصابني شعور الشك، هل أنا أقل وعيًا من هؤلاء البشر؟ وأي بشر هؤلاء، هل يعقل أنهم يملكون مهارات وقدرات إدراكية أعلى؟
واستمررت في التفكير حتى المنام. عدم فهمي للكتاب ولد بداخلي فضولًا أكبر تجاه هذا المجال رغم شعوري بالإحباط. ما هذا المجال؟ ما طبيعة هؤلاء المنغمسين فيه؟ هل هم أفضل مني؟
بمرور الوقت، كما تفعلون أنتم الآن بدأت أبحث كثيرًا على مواقع الإنترنت وصفحات الفيسبوك واليوتيوب عن كل ما له علاقة بالفلسفة من قريب أو بعيد.
هل الفلسفة صعبة حقًا؟
اختصارًا لكم، وبعد فترة من الاطلاع الواسع، اكتشفت السر (البسيط). اكتشفت أن عدم الفهم للنصوص الفلسفية ناشئ من القراءة الخاطئة للفلسفة، وعدم القراءة بشكل صحيح.
تعلمت أن الفلسفة تتطلب استيعابًا تدريجيًا للمفاهيم، وأن الانغماس في أعماقها يتطلب تسلسلًا منطقيًا في القراءة، بدءًا من الفلاسفة القدماء مثل أفلاطون وأرسطو، ثم التحرك نحو الفلاسفة الحديثين مثل كانط وهيغل.
تعلم الفلسفة من الصفر
وهذا هو موضوعنا في هذا المقال: كيفية القراءة الصحيحة للفلسفة. الكثير من القراء العرب غير المختصين أكاديميًا في الفلسفة يحبون هذا المجال ولديهم فضول تجاهه، لكنهم يجدون صعوبة في فهمه.
وصعوبة الفهم ناشئة من أن الفلسفة تحتوي على مفاهيم ومصطلحات تختص بها، وهنا جوهر المشكلة بالنسبة للقارئ غير المختص. إذ يدخل القارئ مباشرة في قراءة الفلسفة دون الاطلاع على معاني المفاهيم الفلسفية التي تمثل مفاتيح لفهم الفلسفة بشكل عام.
وأنا أقول: كثير من الغموض وصعوبة الفهم الذي يحيط بالفلسفة يزول بمجرد الاطلاع تدريجيًا على المفاهيم الفلسفية أولًا، والقراءة بشكل صحيح ثانيًا. وهذه هي المشكلة الأخرى التي يقع فيها القارئ المبتدئ للفلسفة، فالفلسفة من المعارف التي تتطلب قراءة واطلاعًا تدريجيًا متتاليًا ومتسلسلًا.
على سبيل المثال، لا يمكن لقارئ الفلسفة فهم ماركس دون قراءة سابقة وفهم لهيغل، ولا يمكن فهم هيغل دون قراءة سابقة وفهم لأفلاطون، وهكذا.
بالتالي، حتى لا يقع القارئ في دوامة عدم الفهم ولا يمكنه الخروج منها، يتطلب الأمر شيئًا بسيطًا جدًا، وهو القراءة للفلسفة بشكل تدريجي، منذ نشوئها عند الإغريق أو ما قبل ذلك. ثم التسلسل في الأمر بشكل تدريجي.
هذه القراءة تؤدي إلى التعرف على المفاهيم الفلسفية، كلما اعترض القارئ مفهوم جديد، وهذا يؤدي إلى تراكم المعرفة وفهم جذور المباحث الفلسفية ومشاكلها. وفي نفس الوقت، يبسط فهم الفلاسفة اللاحقين، لأن الفلاسفة اللاحقين يستخدمون المفاهيم نفسها، ويبحثون في المباحث نفسها، مع اختلاف نتائج البحث تبعًا لاختلاف الزمان والمكان والظروف.
أما كنصائح للطريقة الصحيحة لتعلم الفلسفة للمبتدئين
1- الابتعاد عن البدء بقراءة النصوص الفلسفية:
ينبغي الابتعاد عن قراءة النصوص الفلسفية، أي كتابات وكتب الفلاسفة أنفسهم، كما فعلت بالخطأ عندما بدأت بكتاب فلسفي عميق يتطلب خبرة سابقة. فمثل هذا النوع من الكتب قد يُثني القارئ المبتدئ عن الاستمرار في استكشاف الفلسفة.
2- تجنب قراءة كتب الدراسات:
يجب أيضًا تجنب قراءة كتب الدراسات، لأنها تعتبر تفسيرًا للنصوص الفلسفية التي لم يطلع عليها القارئ من قبل. الفهم الصحيح للنصوص يتطلب معرفة سابقة بالمفاهيم الأساسية.
3- البدء بكتب المدخل للفلسفة:
ابدأ بقراءة كتب تمثل كمدخل للفلسفة، ولا تتجاوز هذه المرحلة إلا عندما تكون لديك أجوبة ولو بسيطة لفهم الأسئلة التالية:
- ما هي الفلسفة؟
- ما فائدتها؟
- ما اختلافها عن العلم وأنماط التفكير الأخرى؟
- ما هو مجال الفلسفة؟
- ما هي مباحث الفلسفة وقضاياها ومشاكلها؟
إذا كانت لديك إجابات لهذه الأسئلة، فقد تجاوزت أهم مرحلة في الغوص في غمار الفلسفة، وستكون المراحل التالية ممتعة جدًا.
4- قراءة تاريخ الفلسفة:
ابدأ بقراءة الكتب التي تدرس تاريخ الفلسفة منذ نشأتها، مع اطلاع أولي على مراحل الفلسفة. لا تغص في تفاصيل هذه المراحل، ولا تتجاوز هذه المرحلة إلا إذا كنت تمتلك أجوبة بسيطة وفهمًا أوليًا عن الأسئلة التالية:
- أين نشأت الفلسفة؟
- ما هي العوامل التي ساعدت على نشأتها؟
- ما هي مراحل الفلسفة؟
5- كيفية دراسة الفلسفة:
ستتعرف بعد الاطلاع على أن الفلسفة مرت بمراحل، وما عليك الآن هو البدء بقراءة الفلسفة وفق تسلسل مراحلها: مرحلة الفلسفة القديمة، فلسفة العصور الوسطى، والفلسفة الحديثة.
6- معرفة الفلاسفة وأفكارهم:
عند قراءة كل مرحلة، وخاصة القديمة، حاول معرفة الفلاسفة الذين يمثلونها وما هي أفكارهم واتجاهاتهم. ستصبح هذه المذاهب والمدارس الفلسفية الأساس الذي يستند عليه أغلب الفلاسفة اللاحقين. فالكثير من الأفكار الفلسفية فيما بعد وحتى الآن، إما لها جذور في الماضي، أو تحاول التوفيق بين الأفكار القديمة وتطوير أفكار جديدة أو نقدها.
7- فهم المفاهيم والمصطلحات الفلسفية:
راعِ فهم معاني المفاهيم والمصطلحات الفلسفية كلما واجهتك. حينها، سأعدك بأنك ستكتسب خبرة كبيرة في هذا المجال، نتيجة القراءة الصحيحة التي تؤدي إلى تراكم المعرفة. بل ستكون لك رؤية فلسفية خاصة بك تمثل فكرتك عن ذاتك والوجود بشكل أعمق.
كتب الفلسفة للمبتدئين
- نبذة عن الكتاب: "عالم صوفي" هو كتاب مدخل ممتاز للفلسفة وتاريخها.
- الجمهور المستهدف: مصمم خصيصًا للمبتدئين الذين ليس لديهم أي خلفية سابقة في الفلسفة.
- الأسلوب المستخدم: يعتمد جاردر على أسلوب حواري ممتع لشرح الفلسفة، بدءًا من الأساطير وصولاً إلى الفلسفة الحديثة.
- سهولة القراءة: الكتاب سهل القراءة رغم ضخامته، مما يجعله مناسبًا لمن يرغبون في فهم الفلسفة بشكل شامل.
- أسلوب الكتاب: يتميز بأسلوب سهل يناسب القارئ المبتدئ.
- أفكار محفزة: يقدم الكتاب مجموعة من الأفكار الفلسفية التي تشجع على التفكير والتأمل.
- التفلسف الشخصي: يشدد مكّاوي على أهمية التفلسف الشخصي، حيث لا يمكن أن تكون هناك فلسفة حقيقية بدون تفكير شخصي.
- توجهات القارئ: يعد الكتاب مناسبًا لمن يرغب في فهم الفلسفة ودعوة للتفكير الشخصي.
- الإجابة عن التساؤلات: يتناول الكتاب السؤال عن أهمية الفلسفة ودراسة تاريخها بشكل مباشر.
- رؤية متكاملة: يقدم رؤية تظهر الترابط بين الفكر الفلسفي والتاريخ والأدب والعلوم والفنون.
- التفكير الفلسفي التحليلي: يبرز أهمية التفكير الفلسفي التحليلي وأبعاد المعرفة، مما يشجع على التأمل والاستزادة.