أهم مؤلفات جون لوك

حياة جون لوك

لربما أجمل أصداف القدر, أن يكون العام 1632 مصادفًا لولادة فيلسوفين مهمين من أعظم الفلاسفة في التاريخ, هما سبينوزا وجون لوك .

جون لوك

كانت ولادة جون لوك الفيلسوف التجريبي والمفكر السياسي المهم في رنجنتن في أنجلترا في أقليم سومرست, بالقرب من برستول .

درس في كلية كنيسة المسيح التابعة لجامعة أكسفورد, حيث درس منذ صباه الفلسفة والعلوم والطب, ولكنه لم ينتفع كثيرًا من دراسته في الجامعة إلا القليل, بسبب ما كان فيها من جو يغلب عليه الركود الفكري, وهذا ما لا يتفق مع روح جون لوك المتسمة بالنزوع تجاة الحرية التي ضل ينشدها جون لوك حتى وفاته .

أنضم عند بلوغه الى حزاب الاحرار النشط آنذاك كعضو عامل فعال, في العهد الذي كان فيه مناصرة الحرية القاء النفس في أحد التهلكتين أما القتل أو التشريد .

بألنسبة لجون لوك أستطاع رغم مناصرته للحرية, أن يقيم فترة في وطنه دون تعرضه للخطر, لأنه كان يسند من قبل أعظم الساسة في عصره اللورد شافتسبري, ولكن بعد وفاته أضطر جون لوك للهرب تجاة هولندة, متسترًا متخفيًا في مقره الجديد, يخاف تسليمه من قبل الجانب الهولندي الى حكومته .

تغير الوضع السياسي فيما بعد, حيث علا شأن ألاحرار في أنجلترا وظفروا بألغلبة والتفوق, فعاد فيلسوفنا جون لوك الى بلده أنجلترا, حيث مثل دولته كسفير في بلاط براند نيرج, ثم بعد ذلك بلاط فينا, حيث تعرض فيها بعد وقت قصير الى المرض, الذي أضطره على العودة الى أنجلترا .

كان لجون لوك دور كبير في العمل السياسي في أنكلترا, بسبب قوة كتابته وشهرتها وشدة تأثيره على النفوس, ولكنه بعد بلوغه سن الشيخوخة أبتعد العمل السياسي وعاش في الريف, الهادى والجميل حيث قضى فيه أخر سنوات حياته .

توفي جون لوك عندما بلغ عمره ثلاثة وسبعون عامًا, وكان يتصف بألاخلاص في العمل والحق, وناصر الحرية بكل ما آوتي من قوة, وكان ذو حكمة وأعتدال, وله مؤلفات عديدة أهمها "مقالات في الحكومة المدنية", "أراء في التربية", أما كتابه "مقالة في العقل البشري" فيعد من أشهر مؤلفاته .

أهم مؤلفات جون لوك

رغم أن لكل مؤلف من مؤلفات جون لوك كان له غرضًا خاصًا به , إلا أن الغرض العام المشترك عند لوك في جميع مؤلفاته, هو مهاجمة التمسك بالتقاليد .

هاجم لوك التمسك بالتقاليد القديمة, ودعا الى ضرورة تحرر العقل من العادات والتقاليد عند النضر وتكوين الاحكام, وهذا مانجده واضحًا في جميع مؤلفاته, وأهم مؤلفات جون لوك هي :

مقال في الحكومة المدنية

في هذا المقال هاجم لوك أنصار الاسرة المالكة القديمة(أسرة ستيوارت), وكان أنصار الاسرة المالكة القديمة قد أتهموا الحكومة الجديدة بأغتصاب العرش باطلًا وعدوانًا, وكان لسانهم الناطق هو السير روبرت فلمر .

جون لوك-مقال في الحكومة المدنية

حيث أصدر روبرت فلمر كتابًا وإن كان لم ينشر إلا بعد وفاته, إلا إنه ذاع صيته محطوطًا, يشرح فيه فلمر رأي الطبقة المحافظة, ويعتبر أن الدولة هي أمتداد الاسرة والملكية نظام مقدس إلهي, بألتالي وفق رأي بلمر إنه لا يجوز خلع الملك أو عزله .

فرد عليه لوك في كتابه "في الحكومة المدنية", بأن الدولة هي عقد تم بين الافراد لحماية أملاكهم , وأن الشعب برأي لوك هو المرجع النهائي والوحيد لشرعية الحكومات, والحكومة يجب أن تمثل رأي أغلبية الشعب .

قسم جون لوك في رسالته هذه الحكومة الى قوات مختلفة :

1. السلطة التشريعية.
2. السلطة التنفيذية ( وتتضمن القوتين الإدارية والقضائية ).
3. السلطة التعاهدية.

تخضع السلطتان الاخيرتان للحكومة التي يكون على رأسها الملك, ولكن الملك لا يتدخل في السلطة القضائية إلا في حدود ضيقة معينة,  والكلمة العليا دائما وفق رأي لوك هي لممثلي الشعب, ويكتسب ممثلي الشعب حقهم هذا أما بألانتخاب أو عن طريق الوراثة .

وأهم أراء جون لوك في هذا الكتاب هي

• القوة التشريعية هي أعلى سلطة في الدولة, وإنها هي الحكم الفاصل في جميع الخلافات الناشئة ومواضع الخلاف .
• لا يعترف جون لوك أبدًا بالملكية المطلقة كنظام حكم .

كان لوك بمقاله هذا, هو عبارة عن دعم لأركان الحكومة الجديدة, حيث هي تتناسب مع مايراه النموذج المثالي للحكم, القائم على أرادة الشعب, حيث يكون الشعب فيه هو صاحب الحق في أعطاء السلطة لمن يريد توليته عليه .

ويكون جون لوك بهذا متوافقًا مع أراء هوبرز, كما أنه سبق روسو في الرأي القائل بأن الاساس للدولة, هو التعاقد الاجتماعي بين الافراد .

كتاب رسالة في التسامح

كان موضوعه الاساسي, هو حق الافراد وحريتهم الشخصية, حيث يعرض لنا جون لوك في كتابه هذا, جملة أراءه عن التربية, والتي كان القصد من وراءها, صون حرية الفرد في التفكير, حيث يصر جون لوك في هذا الكتاب على أن من حق كل فرد أن يبدي رأيه بكامل الحرية دون قيد أو شرط .

جون لوك-رسالة في التسامح

وأهم أراء جون لوك في هذا الكتاب هي

• يرى لوك أنه ليس من الحكمة والصواب أرغام الناس على رأي معين أو عقيدة معينة, وهذا يتفق مع ما جاء في رسالة أخرى له تخص الكنيسة المسيحية, في أن حرية العقيدة الدينية واجب في عنق الدولة على حد تعبيره, وليس من حق الدولة أن تتدخل بين الفرد والعبادة التي يعتنقها .

• كما يحرم جون لوك أنحياز الحكومة لطرف من العقائد الدينة على حساب الاطراف الاخرى, حيث إنه كلما كان المذهب الديني أقرب الى الحق كان أبعد عن حاجته إلى مساعدة الدولة له .

• وجون لوك لكي يحقق للطفل الحرية التي ينشدها, يطالب بأن لا يكون التعليم عام, تحت أشراف الحكومة أو الكنيسة, لأنهم سيحاولون بث ما يتوافق مع توجهاتهم من أفكار وعقائد وأراء, لذلك يشترط لوك أن يكون التعليم حاص في المنازل .

• فيما يخص التدريس, يرى لوك ضرورة ملائمة طريقة التدريس مع شخصية الطفل, وتوفير الالعاب الرياضية في التربية, الى غيرها من الافكار الاخرى, التي أخذها روسو وألبسها ثوبًا جديدًا, وأخرجها لنا بروحه بشكل حي .

كتابه في العقل البشري

يمثل كتابه هذا خير ماكتب, وكانت غايته من الكتاب هذا هي أثبات قدرة العقل البشري على المعرفة الصحيحة, كان جون لوك يرى إنه لمن المهم قبل المضي بأي بحث في أي مشكلة ما, فأنه يجب أن نختبر قدرتنا لمعرفة لأي الموضوعات تصلح عقولنا ولأي منها لا تصلح .

جون لوك-كتابه في العقل البشري

وبهذا يكون جون لوك مشابه لأراء فيلسوفين أخرين مهمين أحدهما قبله هو ديكارت, والاخر بعده هو كانت,  فيما إنه يجب قبل القيام بأي عملية بحث, يجب أختبار موضوع البحث, في هل إنه يقع في حدود قدراتنا العقلية أم لا .

وقد أخذ لوك عهدًا على نفسه, في إنه لا يتجاوز حدود العقل والحواس في علمه, حتى لا يتقبل من المعلومات ما هو غير قائم على الادلة .

وتقع مقالته هذه في أربعة أبواب, وأهم الاراء الواردة فيها هي :

• الباب الاول : أول المقالة بحث تمهيدي, ينكر فيه لوك أن يكون شي من معلوماتنا مفطورًا فينا بالوراثة, وكان أنكاره هذا هو تمهيد لغرضه الاساسي من الكتاب, والذي سيعرضه بالشرح المفصل في الباب الثاني, وهو دور التجربة في المعارف .
• الباب الثاني : كل معرفة الانسان مهما كان نوعها, بل كل ما يستطيع أن يدركه الانسان بعقلة, هو في الحقيقة مستمد من التجارب, كل أفكارنا-بسيطة كانت أو مركبة-أستمديناها من أمثلة جزئية من التجربة عن طريق الحواس الخمسة .
• أما البابان الثالث والرابع : فقد قام لوك بهما بكل ما يستطيع من الادلة محاولًا أثبات أراءه في الباب الاول والثاني .

وخلاصة القول أن المبدئين اللذين أراد جون لوك أقرارهما في كتابه هذا "عن العقل البشري" هما :

1. ليس من بين أفكارنا ما هو فطري موروث .
2. كل المعرفة, كل معارفنا مستمدة من التجارب وحدها .

الخاتمة : لجون لوك الكثير من المؤلفات, التي لم نذكر إلا أهما بالشرح الموجز, والتي تركت أثرها في تاريخ الفكر البشري, وتأثر الكثير من الفلاسفة والمفكرين فيما بعد فيها, وبعضهم كانت أساس فلسفتة وعماد فكره, وهذا مايعكس أهمية فكر هذا الفيلسوف وأثره .

المصادر :

1. قصة الفلسفة الحديثة / تأليف زكي نجيب محمود و أحمد أمين .
2. أخبار الفلاسفة قديمًا وحديثًا / تأليف أحمد محمد وليد .