recent
أهم الموضوعات

الرواقيين أفكارهم وفلسفتهم

فلسفة الرواقيين جاءت مناقضة لما قبلها, حيث كان البحث في المادة الأولى الموضوع الرئيسي لفلاسفة ما قبل سقراط, ثم من بعد ذلك بذل كل من سقراط وأفلاطون وأرسطو جهد كبير في المباحث النظرية, ولكن جاءت فلسفة الرواقيين مناقضة لهم , فلم يَعيروا البحث النظري كثير من الأهمية, إلا ما كان منه سبيلًا وتيسيرًا لجانب الحياة العملي .

الرواقيين فلسفتهم وأفكارهم
الرواقيين


هيمنت هذه الفلسفة لمدة ثلاث قرون, وقد أسَسَت مَدرسة فلسفية على يد مؤسسها الفيلسوف الرواقي زينون, وحالها حال الاتجاهات الفلسفية الأخرى, فإنها تأثرت وأثرت في الاتجاهات الفلسفية الأخرى .

الفكر اليوناني قبل الرواقية 

الرواقية قامت كي تسد حاجة عملية, قبل أن تستجيب لرغبة في المعرفة النظرية, كان البحث في المادة الأولى أهم ما نظر فيه فلاسفة ما قبل سقراط, وهذه المادة الاصلية التي تكونت منها الأشياء قالوا أولًا إنها جوهرًا واحدًا, يشمل جميع الموجودات, ويبقى بعينه مهما اعتراه من تغير أو تحول, ثم سادت بعد ذلك فكرة, ذهبت إلى إن المادة مركبة من كثرةٍ من الاجسام العنصرية, قد أمتزج بعضها ببعض امتزاجا متفاوتًا, وهذه الفكرة يمثلها مذهب لوقيس  وديمقريطس .


ولكن نظرية جديدة قامت فكان الفوز حليفها : كان لا بد للفلسفة أن تدرك أن الجوهر الصحيح للأشياء ليس هو المادة ، بل هو مبدأ من نوع آخر : هو مبدأ « الفعل » و « الكيفية » و « الكمال » .

وقد كان فيثاغورس أول من اهتدى إلى تلك النظرية ، ولكن كان انتصارها بفضل ما بذل أفلاطون من جهود روحية باقية : رأى أفلاطون أن الأشياء المادية ليس لها في ذاتها وجود حقيقي ، وإنما الذي له الوجود الحقيقي هو « المثال » الذى ينتظم ، فوق العالم الحسى المنساق في تيار الصيرورة ، عالم المقولات الخالدة والماهيات الكاملة والحقائق الثابتة .

ثم جاء أرسطو فأستطاع أن ينتفع من جميع التيارات الفكرية السابقة ، وقدم للإنسانية نموذجًا للنظر الفلسفي السليم ؛ وبلغت الفلسفة اليونانية أوجها في مذهبهُ المحكم البنيان : أقام أرسطو فلسفته على دراسة الطبيعة دراسة استقصاء واستيعاب وتغلغل إلى بواطن الأمور .

وما كان أسرع ما بدا له أن التأمل الفلسفي لا ينبغي له أن يتخلى عن هذا العالم إلى عالم آخر قد يستهدف فيه إلى انقطاع الصلة بينه وبين الواقع الحاصل ، ورأى أن مهمة الفلسفة أن تفهم العالم الواقعي فهماً عميقاً : بدأ لأرسطو عندئذ أن المادة أشبه بغلاف يجب فضُّه للوصول إلى لب الوجود .

ورأى أن مبدأ « الكيفية » و « الكمال » ، بدلاً من أن يوضع في عالم منفرد ، أو أن يفرض كشي. مستقل عن الأشياء ، هو أحرى أن يدرك كمبدأ باطني كامن في الأشياء : فهو الذي يمنحها الحركة والحياة ، وهو ( المثال ) ، الصحيح الفعال ، المثال الحاضر الشاهد المنطوي في الأشياء نفسها .

ومن هذه الوجهة استطاع أرسطو أن يقدم حلاً جديداً للمشكلة القديمة ، مشكلة اتحاد النفس بالبدن ، فاعتبر النفس ( صورة ) مديرة ، تصور المادة وتقيمها في جسم حي . ومن هذه الوجهة أيضاً استطاع أن يقر تلك النزعة العامة ، نزعة الموجودات إلى الكمال ، ولكنه اعترف أن الكمال الأعلى إنما يعدو العالم الواقع .

فالفلسفة الأرسطاطالية - التي هي فلسفة الكمون - تأخذ بعنصر من عناصر التنزيه : إذ الكون والموجودات كلها عند أرسطو معلقة على الفعل المحض ، فعل الفكر الذي يفكر فى ذاته فوق العالم ، ويحيا منذ الأزل في سعادة . وإذن ففلسفة أرسطو ما برحت مؤيدة للآراء اليونانية الأصيلة .

ولما انقصى العالم القديم ، كان من آثار أرسطو ، في القرون الوسطى ، ذلك البناء الهائل بناء الفلسفتين المسيحية والإسلامية . وعلى الرغم مما وجه إلى المذهب الأرسطاطالى من طعنات أوائل العصر الحديث ، بقى المذهب جزءاً أساسياً في فلسفتي ( ليبنتز » و « هجل » الألمانيين ، وما برح أثره قائماً عند فلاسفة العصر الحاضر .

وكأن الفلسفة اليونانية بعد أرسطو قد أنهكها ذلك المجهود الجبار الذي بذلته في صعودها على مرقاة الفكر ، فأخذت حيناً من الدهر في النزول من الذروة الشاهقة التي كان أصحابها قد حملوها إليها واشتقت لنفسها طريقاً أخرى . ولعل هذا الاتجاه الجديد كان مرجعه إلى تبدل الظروف السياسية .

كانت بلاد اليونان قد فقدت حريتها ، وأضعفتها حروب ( البيلوبونيز ) وأضحت تابعة لمقدونيا ، وكادت تقع تحت سيطرة الرومان .

فإن صراع اليونان من أجل استقلالها ، وفوزها على الفرس ، قد سبق مولد سقراط ببضع سنين ؛ وكانت فلسفة المثل الأفلاطونية بمثابة التعبير الرائع عن روح الحرية التي فاح عبيرها لأول مرة على ربوع العالم .

فلما ضاعت الحرية طوى الفكر جناحيه ، وقامت فلسفات جديدة فقصرت نظرتها على العالم الحسى عالم الشهادة ، ولم تُحفل إلا بالمبادئ الجسمانية ، ولكنها عنيت رغم ذلك بالسلوك الإنساني ، فأرادت أن تكفل للإنسان ملاذاً في الضراء وحين البأس ، وخالفت النظرية الأفلاطونية التي تجعل من تأمل ( المثال » العالي مقصد الحياة البشرية ، وأرادت أن تقدم للناس من الخيرات ما يدخل في الطبيعة ويكون في متناول الناس أجمعين . 

وهكذا أخذت تذيع مبادى، أخلاقيات عامة جديدة ، وكان مما أعان على ذيوعها اختلاط الأمم واتصال الشعوب ، ذلك الاتصال الذي تم عقب فتوحات الإسكندر الأكبر .

على أن الفلسفة الأخلاقية لم تكن بحاجة إلى الانتظار طول ذلك الزمان لكي تنهض معارضة المذهب المثالي : فالمدرسة « الكلبية » والمدرسة القورينائية - وكان على رأسها ( أنطستانس » و « أرسطيوس » وهما من تلامذة سقراط قد سبقتا إلى رفض المثل ، بل إلى رفض النظر العقلي بأسره ، وإلى رد الفلسفة كلها إلى البحث في الأخلاق والسلوك .

فرأى الكلبيون الخير الأعلى في ( المجهود ) ورآه القورينائيون في ( اللذة ) . ولكن أرسطو حين اتخذ ( المثالية ) ( الإيديالزم ) مذهباً شاملاً ينطبق على جميع حقائق الكون ، حدث رد فعل قوى تجلى في نظريات تامة ضافية ، فأصبح المذهب القورينائى مذهب أبيقور ، وأضحى المذهب الكلبي مذهب الرواقيين .

المدرسة الرواقية

الرواقية هو لفظ اطُلق على المدرسة الفلسفية الكبيرة التي قام بأنشائها زينون الرواقي شيخ الفلاسفة الرواقيين القدماء في مدينه أثينا, في أوائل القرن الثالث قبل الميلاد, حيث اطلق على انصار تلك المدرسة أسم الرواقيين أو أصحاب الرواق أو ( أهل المضال ), هذا الاسم نسبة الى الرواق من الكلمة اليونانية stoic والتي تعني الرواق أو الشرفة .

كانت المعابد والمباني العامة في اليونان القديمة تحاط بأعمدة, وتحمل هذهَ الاعمدة سقفًا يغطي ويحيط بكامل المكان, فكان هؤلاء الفلاسفة يناقشون أكارهم في هذه الاروقة, فأطلق عليهم أسم الرواقيون .


الرواق الذي كانت الرواقيون يتناقشون فيه
الرواق


المذهب الرواقي

الرواقية ليست  من صنع رجل واحد, وإنما هي جملة نظرات من ينابيع متعددة, وقد تطورن على مر الزمان, وأصطبغ الكثير من أجزاءها بصبغات مختلفة .
وقد قسم المذهب الرواقي إلى ثلاثة عصور كبرى .
  1. الرواقية القديمة : ومدتها من سنة 322 ق.م إلى سنة 204 ق.م, وأبرز أقطابها زينون, كليانتس, كروسبوس .
  2. الرواقية الوسطى : وشغلت القرنان الأول والثاني قبل الميلاد, ومن أشهر فلاسفتها بانيتوس, بويتوس, بوزيدونيوس, وقد تسربت إلى رواقية هذا العصر أراء مشتتة من مدارس أخرى تكاد تقترب من مذهبي أفلاطون وأرسطو .
  3. الرواقية الحديثة : وتمتد من القرن الأول بعد الميلاد وضلت قائمة حتى الوقت الذي أغلقت فيه المدارس الفلسفية في اليونان عام 529 بعد الميلاد .و أبرز أقطاب الرواقية الحديثة هم سنكا, أبكتيوس, وهم يمثلون جميعًا رواقية صبغت بصبغة دينية ظاهرة .

الفلسفة الرواقية 

الرواقية ازدهرت في القرن الرابع قبل الميلاد, واستمرت حتى القرن الرابع الميلادي, كانت معاصرة للأبيقورية من حيث النشأة إلا إنها كانت أقصر منها عمرًا, بدأت الرواقية في اليونان و امتدت حتى روما, تستمد تعاليمها من مؤسسها الفيلسوف زينون الرواقي .

الاخلاق عند الرواقيين

  • الفلسفة الرواقية هي فلسفة أخلاقية, كان الفلاسفة الرواقيين يشتهرون بأنهم فلاسفة أخلاقيون ومعنى ذلك أن اهتمامهم منصب على الحياة الداخلية الروحية للإنسان, ولا يهمهم ما يقع له من أحداث خارجية .
  • يعتني الرواقيون بسيطرة النفس على انفعالاتها, ويهتمون بأداء الواجب بما يرضي الضمير .
  • الفلسفة الرواقية في صميمها مذهب أخلاقي ، فحيثما تكون الفلسفة الرواقية تكون الأخلاق .
  • ومهما اختلف الرواقيون فيما بينهم على كثير من المسائل الفلسفية ، ولكن نظرتهم إلى الأخلاق واحدة ، ليس إلى المساس بها من سبيل والأخلاق لها المكان الأول في الفلسفة الرواقية .
  • الفلسفة عندهم ممارسة الفضيلة ، والفضيلة عند الرواقيين أشرف صناعة ، لأنها تلائم طبيعة البشر ملاءمة خاصة . وإن الفلسفة هي بحد ذاتها منهج مستقيم في الحياة ، بل هي ناموس حياة جميلة فاضلة .

السعادة والالم عند الرواقيين

  • لعل أهم ما يهدف إليه الإنسان في حياته هو تحقيق السعادة والابتعاد عن المزالق التي تؤدي إلى الخطأ والحزن والندم والمرض والبؤس .
  • السعادة في التحرر من سلطة الاحكام, وذلك بتسليط الإرادة على الاحكام .
  • وقد لاحظ الرواقيون إن الانفعالات النفسية تقف حجر عثرة في طريق السعادة ، وإن السعادة تكمن في السيطرة على انفعالات النفس وأهواءها .
  • إن هذا الانسان الذي يبتعد عن الحكم على الأشياء, ويحرر نفسه من سيطرة المشاعر والانفعالات, هو الانسان الحكيم الذي خلص نفسه من الألم بأتجاه السعادة , أنه لا يحس بالألم ، ولا يتأثر بشيء ولا يعتريه الهم ، وهو الغني من غير مال ، أنه باختصار يعيش في أكمل سعادة ، فهو غني وحر وجميل في وقت واحد. أنه الحاكم والقاضي ورجل الدين ، وهو الخطيب والشاعر والنحوي والموسيقار .
  • إنه باختصار يحيط بكل فن ويتقن كل صنعة ، ويعلم الأمور الإلهية والإنسانية جميعها . الحكمة في نظر الرواقيين بسيطة كالعقل لا تقبل الانقسام، والحكيم عند الرواقيين مالك للفضائل كلها وإن الرجل عندهم أما فاضل كامل أو غير فاضل ، فالرجل برأيهم لا يكون فاضلاً إلا حين يبلغ الفضيلة كاملة . ولا توسط عندهم بين الفضيلة والرذيلة ، لأن العقل المستقيم هو العقل الكامل ، فهو إما إن يكون وجوداً بأكمله أو لا يكون .

المعرفة عند الرواقيين

  • المعرفة عند الرواقيين حسية عقلية, بعبارة أخرى فأن الرواقيون حسيون عقليون, أي إنهم يعطون الحس الدرجة الأولى في المعرفة, ثم تأتي المعرفة العقلية بعد ذلك .
  • إنهم يقولون لاشي في الذهن, مالم يكن قبل ذلك في الحس .
  • الإحساس أول مراتب المعرفة, حتى لو كان الانسان قادر على التجريد والتأليف والاضافة والنقل, فهو لا يستطيع الخروج من مقدمات الإحساس .
  • الحواس وسيلة المعرفة, والعقل وظيفته هي ربط الأفكار والمعاني ربطًا يتألف منه العلم .
  • الحواس خادمة, والعقل يسيطر على الحواس سيطرة الملك على رعيته .
  • يتم اكتساب الخبرة بالتجربة, التي هي أساس المعرفة, حيث يأتي الجنين الى هذا العالم, وهو خلو من أي معرفة, ويكتسبها بعد ذلك بالتجربة .

الإرادة البشرية عند الرواقيين

  • في موضوع الإرادة البشرية فإن الرواقيين يقررون أنها إرادة حرة وإلينا يرجع الأمر في تحقيق الخير الأخلاقي ، إذ أن لنا قدرة على أحكامنا وتصرفنا ، لأن انفعالاتنا وأهواءنا مردها أحكامنا على الأشياء .
  • نحن إذن مختارون ، ونستطيع أن نحرر أنفسنا من أحداث الحياة .
  • أما مصدر الشر عند الرواقيين, هم ناتج من سوء استخدام الحرية التي منحها الله لنا .

الله عند الرواقيين

  • يرى الرواقيون أن الله علة الأشياء, وهو كسائر العلل له مادة قد أتصل بها أتصالًا وثيقًا .
  • هذه المادة التي أتصل بها الله هي العالم, الله أذن يجوس كل العالم, وفي كل مكان .
  • أعطوا الرواقيين ل الله الطابع الحلولي, وجعلوه متحد مع الكون .
  • الرواقيون يستدلون على وجود الله بجمال ونظام العالم, باعتبارهما صنع العناية الإلهية .
  • إن تدبير العقل الإلهي يسهر على مصلحة الخلائق جميعاً ، لأن العقل الذي أحدث الأشياء هو فرق العقل الإنساني . والإنسان عاجز عن ان يصنع الأشياء التي في العالم وعن أن يدبرها وفق إرادته ، إذن فوجود العالم وجماله يدلان على وجود كائن عاقل أرفع من الإنسان ، وليس هذا الكائن شيئاً آخر غير الله .
  • الله روح العالم, ومعنى ذلك إنه نفس ناري لا صورة له, ويتخذ صور الأشياء كما يشاء .
  • الله كامن في الانسان كمونه في كل الأشياء .
  • هو الموجود الازلي الباقي العاقل السعيد الكامل المبرأ من كل نقص, خالق العالم ومبدع الأشياء وصانعها .

العالم عند الرواقيين

  • ان هذا العالم عبارة عن كل عضوي, وتتخلله قوة الله الفاعلة .
  • العالم عند الرواقيين كامل الوحدة, وليس هناك إلا اله واحد .
  • إن هذا الاله هو خالق العالم, وهو في الوقت نفسه حقيقة العالم الجوهرية .

حياة الانسان عند الرواقيين

  • إن حياة الإنسان في رأي الرواقيين ، يجب أن تسير وفاقًا للعقل ,لأن العقل هو الجزء الرئيسي في الانسان ، واذا كانت حياة الانسان وفاقًا يكون موافقاً للكون بأسره . فالعقل لا يختص بالإنسان وحده ، بل هو يخص الوجود الكلي ، وما العقل الإنساني إلا جزء من العقل الكلي الشامل .
  • إننا بالعقل ، نحيا على وئام مع أنفسنا ، كما نحيا على وئام مع العالم أجمع . أن العبارة التي قالها زينون ( الحياة وفقا للطبيعة) تعني إن الإنسان ينبغي عليه أن يعيش وفاقا للعقل . أي إن حياة الخير والسعادة للإنسان هي الحياة المتوافقة مع الطبيعة الكلية ، لأن الإنسان حين يحيا وفقا للعقل أنما يحيا وفقا للقانون الكبير الذي يحكم العالم .

الفضيلة  والحكمة عند الرواقيين

  • ذكرنا أن العالم عند الرواقيين عبارة عن كل عضوي, تتخلله قوة الله الفاعلة, تتمثل الحكمة في معرفة هذا الكل, ولا تتم المعرفة إلا بكبح جماح العاطفة والتحرر من الانفعالات .
  • وعلى هذا المنوال فإن الفضيلة تعني العقل الكامل السليم الذي يظل دائماً متسقاً مع نفسه ، فالرجل الفاضل الحكيم الذي تسير حياته وفقا للعقل يكون مواطنا حقيقياً من مواطني العالم ، أما الرجل الخبيث فيكون على عكس ذلك ، فهو يكون على خلاف مع نفسه ومع الموجودات جميعاً .
  • إن الإنسان الحكيم هو الذي يعرف كيف يحيا حياة فاضلة ، وإن الحكمة هي التي تكفل له ذلك . لأن الحكمة في حقيقتها هي في الحياة . وإن سبيل الحياة الفاضلة ، في أن يتخذ الإنسان لنفسه موقفا واحداً ثابتاً لا يتبدل . أما إذا كان الناس لا يسيرون في حياتهم على مقتضى العقل والحكمة ، فسلوكهم يبقى متغيراً متقلباً .
  • إن الإنسان الحكيم هو الذي يعرف كيف يحيا حياة فاضلة ، وإن الحكمة هي التي تكفل له ذلك . لأن الحكمة في حقيقتها هي في الحياة . وإن سبيل الحياة الفاضلة ، في أن يتخذ الإنسان لنفسه موقفا واحداً ثابتاً لا يتبدل . أما إذا كان الناس لا يسيرون في حياتهم على مقتضى العقل والحكمة ، فسلوكهم يبقى متغيراً متقلباً .

النفس عند الرواقيين

  • الرواقيين كانوا قد أرجعوا الوجود الى أربعة عناصر أساسية هي الماء والهواء والنار والتراب .
  • النفس تتكون من عنصرين من العناصر الأربعة هذه النار والهواء .
  • للنفس أنواع تختلف فيما بينها حسب كل من مقدار درجة التوتر الذي ينتج من تأثيرات كل من التمدد والتقلص, وفي درجة مكوناتها, وفي وظيفتها كذلك .
  • أول أنواع النفس هو النوع المسؤول عن تماسك الجمادات واعطائها الخصائص وهو أدنى الأنواع .
  • وثاني الأنواع يسمى النفس الطبيعي, وهو مسؤول عن الوظائف الحيوية المميزة للحياة النباتية  .
  • والنوع الثالث الموجود في الحيوانات ( البشرية وغير البشرية ) والمسؤول عن مبدأ الإحساس والحركة .
  • يحتوي جسم كل حيوان على هذه الأنواع الثلاث : مثلًا الانسان يحتوي على هذه الأنواع الثلاث وهي تتمثل في النوع الأدنى في تماسك أسنانهُ مثلًا واعطاءها الخصائص, أما النوع الثاني النَفس الطبيعي فهو مسؤول عن التمثيل الغذائي, النمو وما شابه, أما النوع الثالث النَفس فمسؤوليته تميز الوظائف, العقلية والنفسية عن طريق الإحساس, وفي حالة البشر يتم عن طريق العقل والرغبة .
الطبيعة عند الرواقيين
  • عرف الرواقيون الفلسفة بأنها علم الأشياء الإلهية والاشياء الإنسانية , وأضافوا الأشياء الإلهية لأنها تعنى عندهم الأشياء التي من صنع الآلهة وهي الأشياء التي توجد مستقلة عن فعل الانسان أي جميع الموجودات وحتى الانسان لأنه جزء من الكون وانه غير موجود بنفسه .
  • ويقال ان الأشياء الإلهية عندهم هي الطبيعة كلها. وعلم الأشياء الإلهية يمكن ان يطلق عليه اسم آخر هو علم الطبيعة أو العلم الفيزيقي فمجال الطبيعة واسع يشمل -
  1. ما يتصل بالكون بما فيه الإله والانسان.
  2. مباحث الميتافيزيقا أو عمل الوجود.
  3. علم النفس.
  • الرواقية مذهب عملي قبل النظر بمعنى التطبيق كأساس للتنظير. 
  • تأثر الرواقيون بأقوال الفلاسفة الأيونيين قبل سقراط إلا إن زيتون أكد ضرورة وضع نظرية شاملة عن الطبيعة، لذا اكد الرواقيون في الطبيعيات على ميدانين :-
  • المبدأ الفاعل
  • المبدأ المنفعل
وقالو ان الشيء لا يكون حقيقياً ما لم يكن جسمياً فكل علة هي عندهم جسم من الاجسام وكل حقيقة هي جسمانية ولا وجود الا للجسم وما لا جسم له فلا وجود له , لا يكون الشيء حقيقياً في نظر الرواقيين الا اذا كان له قوة فاعلة أو قوة منفعلة ، أي قدرة على التحريك أو القابلية على الحركة.

ثنائية الفاعل والمنفعل، هي ثنائية مستعارة من أرسطو, الفاعل والمنفعل عند ارسطو حالتان وجوديتان متمايزان بالفردية والعقل ينتقل من موجود إلى آخر مثلاً من الطبيب الى الدواء ومن الدواء إلى البدن هو فعل من أفعال (النقلة) اما الرواقية فقد عكست ذلك فالفاعل والمنفعل مبدأن لا ينفصلان في تكوين كل موجود., وهكذا فالثنائية عدد الرواقية مطابقة للثنائية عند ارسطو بين الصورة والهيولي ولكن مع الفارق .

الخاتمة : وهكذا كان الرواقيون أصحاب فلسفة عملية, ينصب اهتمامها على الجانب العملي للحياة, ولا تعير البحث النظري أهمية, إلا ما كان منه يخدم الحياة, لهم أثرهم الكبير في تاريخ الفكر البشري, وصدى فلسفتهم يتردد كثيرًا في العصر الحديث, كنموذج فكري للحياة الهادئة والحصول على الطمأنينة والسعادة في الحياة .
google-playkhamsatmostaqltradent