recent
أهم الموضوعات

هيباتيا من كافرة أحُرقت الى قديسة كيف ذلك

من هي هيباتيا


هيباتيا أمرأه قل شبيهاتها في التاريخ ,جمعت بين الانوثة والجمال وشدة الذكاء, فجمالها لا يتوقف على حضورها ومظهرها الخارجي, الفائق الانوثة والجمال, بل أمتد الى روحها النقية فكانت من دعاة السلام, ولم يكن جمالها مقتصرًا على مظهرها وروحها فقط , بل أكتمل بجمال وعيها وشدة ذكائها, فكانت أول عالمة رياضيات في تاريخ البشر, عالمة فلك وفيلسوفة, قادت المدرسة الافلاطونية الجديدة في الإسكندرية, وكانت ذات أخلاق عالية, وصاحبة عقل لا يشغلهُ إلا العلم و الفلسفة .


مشهد مقتل هيباتيا
هيباتيا

هيباتيا شديدة الانوثة والجمال فائقة الذكاء, حتى عشقها الكثير من تلاميذها وحالوا طلب يدها للزواج, ولكنها لم تتزوج قط, كانت من دعاة السلام وعاشت في زمن يسود فيه التعصب والصراع بين الوثنين والمسيحيين واليهود, فراحت ضحية لتكفيرها من قبل الكنيسة, حيث جمع حشد من أتباع الكنيسة للتخلص منها نهائيًا و قتلها بطريقة و حشية , تعرف على قصتها الكاملة في هذا المقال .


ملخص قصة هيباتيا


حدثت هذه القصة الحقيقة ما بين القرنين الثالث والرابع الميلادي, في مدينة الإسكندرية المصرية, حيث كانت مصر آنذاك ولاية رومانية, في وقت كانت الكنيسة تحاول السيطرة على الفكر السائد آنذاك ومحو كل ما يخالف عقيدتها, كانت هناك بنت أسمها هيباتيا, الاسم المشتق من هيباتوس والذي يعني العالية ( ذات المقام الرفيع ), كانت من أصول يونانية لأب يوناني هو ثيون الاسكندري الفيلسوف و عالم الرياضيات والأمين الأخير لمكتبة الإسكندرية .

ليس هناك معلومات مؤكدة عن تاريخ ميلادها, ولكن الدراسات الأخيرة قد أشارت إلى إن تاريخ ميلادها كان 370 م في مدينة الإسكندرية .

كان والدها من أفضل فلاسفة القرن الرابع, ورئيس لجامعة الإسكندرية, وكان له الدور الأكبر في تلقين وتدريس هيباتيا العلوم والفلسفة حتى تفوقت عليه فيما بعد .

في العشرين من عمرها أرسلها والدها إلى أثينا وروما, لتدرس هناك العلوم والفلسفات المتباينة والمختلفة, فتأثرت بالأفلاطونية المحدثة أي إنها كانت تتبنى النهج الرياضي المتبع في أكاديمية أفلاطون في أثينا .

رجعت هيباتيا تحمل من العلوم و الفلسفة ما يؤهلها للتدريس و التعليم ,كانت أول عالمة في الرياضيات و اشتغلت بمهنة التدريس (كانت تُدرِس فلسفة أفلاطون وأرسطو) , وكانت عالمة فلك و فيلسوفة تتبنى الفكر الافلاطوني المحدث ( الافلاطونية المحدثة ), حيث ترأست المدرسة الافلاطونية الجديدة التي كانت في الإسكندرية.

وصفها المؤرخ الكنسي سقراط في كتابه المعنون " تاريخ الكنيسة " بأنها تفوقت على كل الفلاسفة الذين عاصروها ,
حظيت محاضراتها بشعبية كبيرة من قبل الطلاب, الذين كانوا يقدمون لأجل محاضراتها من أبعد الأماكن, بسبب علمها وذكائها وأخلاقها العالية, حتى أصبحت هيباتيا رمز من رموز الحكمة والفضيلة .

كيف قتلت هيباتيا


كانت طريقة مقتلها مأساوية, عاشت في مصر الرومانية, في زمن يسوده التعصب والصراع بين كل من الوثنيين واليهود والمسيحيين, وكانت هيباتيا تعتنق الوثنية وأفكار فيثاغورس, وتتبنى الاتجاه الافلاطوني في الفلسفة, وبالتالي واجهت رفض شديد من قبل الكنيسة ( حيث كان الفلاسفة المسيح يرفضون وبشدة أقوال الافلاطونية في طبيعة الاله والحياة الأخرى), ثم أن ازدياد التفاف الطبقة المثقفة والجمهور حول هيباتيا بدأ يسبب حرج شديد للكنيسة المسيحية هناك .

كان أسقف الإسكندرية آنذاك " كيرلس الأول " يعي تمامًا خطورة فكر هيباتيا, التي كانت لها قبول و صداقة مع والي مدينة الإسكندرية " أوريستوس ", المنافس السياسي لكيرلس الأول في المدينة, و الذي كان عائقًا من السيطرة الكاملة للمسيحيين على المدينة .

بالإضافة الى ذلك كان أوريستوس تلميذًا لهيباتيا ويكن لها كامل التقدير والقبول والاحترام , وهذا يفسر الحقد الدفين لهيباتيا من قبل الاسقف كيرلس الأول .

وحدث في أحد الأيام خلاف بين اليهود والمسيحيين في الإسكندرية, فقرر المسيحيين طرد اليهود من المدينة, مما سبب الفوضى آنذاك, فكتب الوالي أوريستوس الى الامبراطور عن أعمال الشغب التي قام بها المسيحيين في المدينة, مما أثار غضب المسيحيين عليه, فتعرض الى الإهانة من قبلهم , حيث رموه بالحجارة أثناء مروره في أحد الشوارع .

ما أثار انزعاج كيرلس الأول أكثر, هو أقبال بعض التلاميذ المسيح للدروس التي كانت تقدمها هيباتيا, وكان هذا الامر بمثابة كارثة بالنسبة للأسقف كيرلس الأول, لأنه من الجانب الديني كانت هيباتيا وثنية وتجهر بوثنيتها, وكان هذا سبب جوهري للمشكلة, وبالتالي تخوف كيرلس الأول من عودة التلاميذ المسيح الملتفين حولها الى وثنيتهم بعد اعتنقوا المسيحية, على الرغم من أن هيباتيا كانت تركز على الجانب العلمي والفلسفي في الدرس لا الجانب العقائدي, بل كانت من دعاة التعايش السلمي, ولكن كيرلس تخوف من تأثر التلاميذ بها . 

ومن الجانب السياسي كانت هيباتيا مقربة من الوالي أوريستوس العدو اللدود للأسقف كيرلس الأول, فكان الحل الأخير للأسقف كيرلس الأول هو في التخلص من هيباتيا, وكان هذا الامر يمثل له مكسب عقائدي ديني وسياسي في نفس الوقت .

لأسباب سياسية مغلفة ب ادعاءات دينية, قرر كيرلس الأول التخلص منها, فقام بتحشيد جمع من أتباع الكنيسة, وإلقاء فيهم خطبة شهيرة, حيث كانت من أشهر الخطب وقتها , كانت الخطبة عبارة عن تحريض شديد اللهجة ضد الفلاسفة واتهامهم بالكفر, وذكر أن الهدف الخفي من الفلسفة هو تشكيك المؤمن في دينهِ, وقام بتحريضهم على قتل هيباتيا بتهمة الالحاد وممارسة السحر والشعوذة, فتوجه الحشد الى مكتبة الإسكندرية, المكان الذي ألقت فيه هيباتيا أخر محاضرة لها حيث كانت هناك والقي القبض عليها .

وكانت طريقة مقتلها مأساوية, حيث تجمع حشد من المسيحيين, وتعقبوها أثناء عودتها ألى منزلها من التدريس, فقاموا بسحبها من شعرها من فوق عربتها إلى الأرض, ثم قاموا بنزع ملابسها وجرها على الأرض بحبل لف على يدها الى أن تسلخ جلدها, ثم بعد ذلك ألقوها في كومة خشب و أشعلوا النيران فيها, وكان مقتلها في العام 415 ميلادي .

هيباتيا رمز للفضيلة المسيحية  !


في العصور الوسطى, بعد أن قام القديس البرت الكبير والقديس توما الاكويني بدمج المسيحية بالفلسفة, تم اعتبار هيباتيا رمز للفضيلة المسيحية !, وأطلق عليها فيما بعد لقب " شهيدة التنوير ", و كانت رمز للمعارضة الكاثوليكية في عصر التنوير, وفي القرن العشرين تم اعتبار هيباتيا رمز لحقوق المرأة .

وصل الأمر الى اعتبار بعض علماء التاريخ و المسيحية الى الافتراض أن هيباتيا كانت هي القديسة كاترين, التي بنيت كنيسة بأسمها في الإسكندرية, بالإضافة الى الكثير من الاعمال التي خلدت أسمها روائية وسينمائية .


أقوال هيباتيا


نختتم مقالتنا باقتباسات من أقوال هيباتيا 

  • "إن جميع الأديان العقائدية والرسمية خادعة ويجب عدم قبولها نهائياً من قبل الأشخاص الذين يحترمون أنفسهم."

  • "في الواقع، سيقاتل الرجال من أجل الخرافات بنفس السرعة التي يقومون بها في القتال من أجل الحقائق الحية وأحياناً أكثر، لإن الخرافات غير ملموسة ولا يمكنك الوصول إليها لدحضها أما الحقيقة فهي وجهة ويمكن تغييرها. "
  •  "الحياة عبارة عن حالة من التكشف، وكلما سافرنا ازدادت الحقيقة التي يمكننا فهمها من أجل فهم الأشياء الموجودة أمامنا الأفضل أن نفهم تلك التي تكمن ورائها."
  • "يجب أن تدرس الخرافات كخرافات والأساطير كأساطير والمعجزات كأوهام شعرية. أن تعلم الخرافات على أنها حقائق هو أمر فظيع . إن عقل الطفل سيقبل بها ويصدقها، ومن خلال الألم الشديد فقط، وربما المأساة، سيتمكن بعد سنين من أن يعفى منها."
هذه جزء من اقتباسات لأقوال هيباتيا .

الخاتمة : نعم قتلت هيباتيا بطريقة بشعة وقاسية, ولكن خلد اسمها التاريخ كشهيدة للتنوير والعلم والفكر الحر, تمثل قصة مقتل هيباتيا مثالًا للصراع بين الوثنية والدين من جانب, وبين الفلسفة والفكر المسيحي من جانب أخر, بالإضافة الى استغلال الدين في الصراعات السياسية .

google-playkhamsatmostaqltradent